ان وضع تصنيف للحقوق والحريات أمر لم يكن محل اتفاق في النظرة إلى هذا الموضوع بين القانونيين كما ان دور الدولة قد شهد تطوراً في هذا المجال.
وعموما تتضمن تسمية الحقوق والحريات امتيازات الافراد في مواجهة السلطة العامة من ناحية ، وعموميتها وتمتع جميع الافراد بها بصفة عامة وبدون تفرقة او تمييز بين المواطنين والاجانب من ناحية اخرى .
والحقوق الحريات العامة عموما هي مراكز قانونية للافراد تمكنهم من مطالبة السلطة بالامتناع عن القيام بعمل مافي بعض المجالات ، او هو التزام السلطة بغل يدها عن التعرض للنشاط الفردي في بعض نواحيه المادية .
وفكرة الحقوق والحريات العامة فكرة نسبية يختلف مضمونها بأختلاف الزمن وتبعا لطبيعة النظام السياسي القائم .
ففي ظل المذهب الفردي كانت الحقوق والحريات هي الحقوق والحريات الطبيعية التي يكتسبها الفرد بولادته وهي لصيقة به ولاتنفصل عنه . ووظيفة الدولة في هذا النظام تقتصر على حماية هذة الحقوق والحريات وضمان عدم المساس بها تماشيا مع وظيفتها الوحيدة في حراسة الامن الداخلي والخارجي .
اما في ظل المذهب الاشتراكي فقد تطورت فكرة الحقوق والحريات بحكم تطور وظيفة الدولة التدخلية فصار على الدولة ان تتدخل لتوفير اغلب تلك الحقوق كحق الافراد بالضمان الصحي والاجتماعي وتوفير العمل والتي عرفت فيما بعد بالحقوق الاجتماعية .
ولم تعد تقتصر وظيفتها على توفير الحقوق والحريات الفردية والتي تلقى على الدولة واجبا سلبيا بالامتناع عن التدخل فيها , الا ان هذا التدخل كان في كثرة من الاحيان على حساب الحقوق السياسية وحق الملكية .
ازاء ذلك اخذت الكثير من الدول موقفا وسطا بين النظم الفردية والاشتراكية وعالجت مساوئ المذهب الفردي من خلال توسيع مجالات تدخل الدولة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي دون ان يصل هذا التدخل الى حد الغاء الملكية الفردية الخاصة .
وخلصت النظم الاقتصادية الى اقرار تدخل الدولة ايجابيا لتوفير الحقوق الاجتماعية للافراد بالاضافة الى دورها السلبي في الامتناع عن المساس بالحقوق والحريات التقليدية .